[تقرير] آفاق الإنتاج اللامركزي للطاقات المتجددة في المغرب
- Rachid Ennassiri, Anas Hmimad
- قبل 4 ساعات
- 5 دقيقة قراءة

Le rapport complet, en français, peut être téléchargé ci-dessous et consulté ici :
يشهد المغرب مرحلةً حاسمةً في مسار انتقاله الطاقي، إذ يتميز السياق الحالي بدينامية سكانية واقتصادية متصاعدة وتحسّن مستوى المعيشة، واتساع النشاط الصناعي، وهي عواملُ تؤدي إلى ارتفاعٍ ملحوظٍ في الطلب الطاقي. مما يستدعي تسريع وتيرة إدماج الطاقات المتجددة من أجل تقليص التبعية للوقود الأحفوري المستورد المكلِف والمُسبِّب لانبعاثات الغازات الدفيئة، وكذا لتحقيق الالتزامات الوطنية الهادفة إلى رفع القدرة المثبتة للطاقات المتجددة إلى ثلاثة أضعافها في أفق سنة 2030.
وفي هذا الإطار، تمثّل الأنظمة الطاقية المتجددة اللامركزية (SERD) أحد الحلول الواعدة لتسريع الانتقال الطاقي الوطني. فقد أكّد النموذج التنموي الجديد للمغرب ضمن توجهاته الاستراتيجية، أنّ "الإنتاج اللامركزي للطاقة من شأنه أن يعزز موثوقية الشبكة الطاقية، وصلابتها، وتوازنها، وتنافسيتها، من خلال مواكبة أنماط الإنتاج الجديدة بتكنولوجياتٍ ترفع المردودية، وتحدّ من الهدر الطاقي، وتمكن من الاستفادة من البنية التحتية الطاقية الحالية."
وبإمكان المواطن المغربي، من خلال المباني الحالية والمستقبلية على السواء، أن يُسهِم بفعالية في مسار الانتقال الطاقي. فبفضل تكامل الطاقة الشمسية الكهروضوئية، وأنظمة التخزين، والمركبات الكهربائية، والتكنولوجيات الرقمية المتطورة، يمكنه أن يتحول من مستهلكٍ للطاقة إلى «مُنتِج–مستهلك» قادرٍ على إنتاج الكهرباء وتخزينها واستهلاكها وبيعها وتوزيعها، مساهِمًا بذلك في تعزيز المرونة التشغيلية للنظام الكهربائي الوطني.
الإمكانات الكبرى للأنظمة الطاقية المتجددة اللامركزية في المغرب
يُعتبر هذا التقرير الأول من نوعه في المغرب، إذ يقدم تحليلا معمقا لإمكانات إدماج الأنظمة الطاقية المتجددة اللامركزية، مع تركيزٍ خاص على استغلال الأسطح لإنتاج الكهرباء النظيفة. وتستند الدراسة لمعطيات رسمية صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، وإلى نماذجَ كمية لتقدير ما يلي: ١. المساحات المتاحة في الأسقف لتركيب الألواح الشمسية الكهروضوئية حسب الجهات؛ ٢. القدرة الإنتاجية المحتملة من الكهرباء المتجددة؛ ٣. الكلفة المتوسطة لتركيب هذه القدرة؛ ٤. إمكانات إدماج التكنولوجيات المكمّلة مثل البطاريات، والمركبات الكهربائية، ومحطات الشحن ثنائية الاتجاه، والأجهزة الذكية المتصلة، وما توفره من طاقة إضافية؛ ٥. حجم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتجنَّبة.
وتُبرز السيناريوهات المعتمدة في هذا التقرير أن إمكانات الأنظمة الطاقية المتجددة اللامركزية في المغرب في أفق سنة 2035 مشجعة للغاية:
● في السيناريو المتفائل، يمكن أن يُسهم انتشار هذه الأنظمة في إنتاج نحو 66.8 تيراواط ساعة ( TWh) من الكهرباء، بما يعادل قدرةً مركبةً تناهز 28.6 جيغاواط (GW)، وسوقًا اقتصادية تُقدَّر بحوالي 31.1 مليار دولار أمريكي، مع تجنّب 48.2 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
● وفي السيناريو الوسطي، تبلغ القدرة الإنتاجية نحو 40.1 تيراواط ساعة (TWh)، بقدرة مركبة تصل إلى 17.2 جيغاواط (GW) وسوق محتملة بقيمة 18.7 مليار دولار، مع تقليصٍ لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 28.9 مليون طن.
● وأخيرًا، حتى في إطار السيناريو المتحفّظ، تظل مساهمة الأنظمة الطاقية المتجددة اللامركزية ذات أهميةٍ ملموسة، إذ يمكن أن تحقق 20.1 تيراواط ساعة (TWh) من الكهرباء، بقدرة مركبة تناهز 8.6 جيغاواط (GW)، وسوق اقتصادية تُقدَّر بـ 9.3 مليار دولار، مع تجنّب 14.5 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وإلى جانب إنتاج الطاقة، تُبرز هذه السيناريوهات إمكاناتٍ مهمة لإحداث فرص عملٍ على المستويين الوطني والجهوي كما هو مُفصّل أدناه.

إمكانات دمج الطاقة الشمسية فوق الأسطح والتنقل الكهربائي الذكي في أفق سنة 2035
من المتوقع أن يبلغ عدد المركبات الكهربائية في المغرب حوالي 2.5 مليون مركبة كهربائية بحلول سنة 2035، وفقًا لتقديرات الاستراتيجية الوطنية منخفضة الكربون 2050. وعلى هذا الأساس، يمكن أن يُحدث تعميم التنقل الكهربائي الذكي ثنائي الاتجاه، المندمج مع منظومات الطاقة الشمسية اللامركزية فوق الأسطح، تحوّلًا جوهريًا في النظام الكهربائي الوطني.
فأسطولٌ بهذا الحجم من المركبات الكهربائية ثنائية الاتجاه سيشكّل خزانًا طاقيًا متنقّلًا قادرًا على تلبية جزءٍ كبير من حاجيات الشبكة الوطنية والمباني، مما يعزز السيادة الطاقية والمرونة الترابية. إذ تمثّل هذه المركبات قدرةً تخزينية إجمالية تبلغ حوالي 39,420 جيغاواط ساعة ((GWh، أي ما يعادل 91٪ من الطلب الوطني المتوقع على الكهرباء سنة 2035 (43,145 جيغاواط ساعة).
ويمكن استثمار هذه الطاقة المخزّنة لدعم الشبكة عبر آليات الشحن ثنائي الاتجاه (Vehicle-to-Grid / V2G). كما يُظهر التقرير أن الأنظمة الشمسية المركَّبة فوق الأسطح يمكن أن تغطي ما بين 59٪ و98٪ من طلب شحن هذه المركبات في السيناريوهين المتفائل والوسطي.
الفوائد الاجتماعية والاقتصادية لتطوير الأنظمة الطاقية المتجددة اللامركزية
تُشير التقديرات الأولية إلى أن فتح سوق الأنظمة الطاقية المتجددة اللامركزية (SERD) وتطويره من شأنه أن يُولّد عشرات الآلاف من فرص العمل في المغرب، لا سيما خلال مرحلتي التطوير والإنجاز للمشاريع. فعلى مدى عشر سنوات، في أفق 2035، يُتوقع أن يخلق توسيع اعتماد قدرةٍ مركبةٍ قدرها 8.57 جيغاواط نحو 13,000 فرصة عمل، و17.15 جيغاواط نحو 26,000 فرصة عمل، و28.58 جيغاواط حوالي 43,000 فرصة عمل.وتستند هذه التقديرات، المتّسمة بالحذر، إلى معاملٍ عالمي يقدّربخلق 15 وظيفةٍ مكافئةٍ بدوامٍ كامل (FTE) لكل ميغاواط مركّب، وفق الوكالة الدولية للطاقة (IEA)، وهو معدل أدنى من نظيره المسجّل في البلدان الإفريقية وفي مشاريع الطاقة الشمسية الصغيرة فوق الأسطح. وتعكس هذه الأرقام واقع التشغيل في بلدانٍ طوّرت أسواقها للطاقة اللامركزية، مثل إيطاليا، حيث يولّد مجال التركيبات السقفية نحو 65,000 وظيفة مباشرة وغير مباشرة، أي حوالي 65٪ من إجمالي وظائف قطاع الطاقة الكهروضوئية.
المراحل الأولى لتطوير السوق المغربية للأنظمة الطاقية المتجددة اللامركزية
بين 2011 ونهاية 2023، بلغ مجموع استثمارات الأسر والمقاولات المغربية ما لا يقل عن 3,36 مليار درهم، مكّن من إنتاج قدرةٍ شمسيةٍ لامركزية تُقدَّر بنحو 336 ميغاواط، مما يعكس إمكانيات حقيقيةً في مجال الإنتاج الذاتي للطاقة. غير أن غياب سجلٍّ وطني للمنشآت الشمسية يحول دون قياس الأثر الاقتصادي والطاقي الكامل لهذه الدينامية. وتُظهر خريطة أعدّتها مبادرة إمال من أجل المناخ والتنمية أن المغرب يتمتع بإمكانيات هامة في مجال الإنتاج اللامركزي للطاقة، بما يستدعي سياساتٍ ملائمة وآليات تتبّعٍ أدقّ.
ويُسجَّل اليوم توسّعٌ سريعٌ للسوق الوطنية للأنظمة الطاقية المتجددة اللامركزية، تقوده منظومةٌ متنوعة من الفاعلين، من كبريات الشركات إلى المقاولات الناشئة المحلية، مقدّمةً حلولًا في مجالات الطاقة الشمسية والتخزين والنجاعة الطاقية. وتوفّر عدة شركات خدمات طاقية (ESCO) هذه الحلول فعليًا، غير أن عددًا منها لا يزال يشتغل دون اعترافٍ رسمي بصفة شركة خدمات طاقية، مما يحدّ من فرص تمويلها ومن إمكانيات تنظيم القطاع وتطويره.
توصيات لتعبئة الإمكانات الكاملة للأنظمة الطاقية المتجددة اللامركزية
تمثل هذه التقديرات فرصةً سانحةً لإعادة النظر في النموذج الاقتصادي الحالي للقطاع الكهربائي، من مرحلة الإنتاج إلى مرحلة الاستهلاك، بما يمهّد لإعادة توجيه الاستثمارات على المدى المتوسط والطويل نحو مزيد من التكامل بين الشبكة المركزية والكهرباء اللامركزية المنتجة ذاتيًا.
وينبغي للحكومة، من خلال وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة (MTEDD)، وكذا القطاعات الوزارية الوصية على المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (ONEE) والشركات الجهوية متعددة الخدمات (SRM)، أن تحرص على ألا تُعيق آليات التخطيط المعتمدة لديها وتيرة تعميم أنظمة الطاقة المتجددة اللامركزية، بل أن تُسهِم في تيسير اعتمادها وإدماجها الكامل ضمن الاستراتيجية الوطنية.
وفي هذا الإطار، يتعين على المغرب اعتماد ترتيباتٍ مؤسساتية وتنظيمية وتحفيزية مستدامة تُعزّز نمو الأنظمة الطاقية المتجددة اللامركزية (SERD) بالمنازل، والمقاولات، والمؤسسات التعليمية، والضيعات الفلاحية، وسائر المباني العمومية والخاصة. ويقترح هذا التقرير، استنادًا إلى التجارب والممارسات الدولية الرائدة، جملةً من التوصيات الموجّهة لصنّاع القرار العمومي والفاعلين الخواص لبلورة سياساتٍ ووضع آلياتٍ عملية ملائمة، من أبرزها:
● الاستثمار في الشبكات الذكية (Smart Grids) لتعزيز مرونة النظام وموثوقيته وأمنه السيبراني؛
● تشجيع المرونة الطاقية والتدبير الذكي للطلب من خلال اعتماد تعريفات دينامية وإرساء أطرٍ تنظيمية للتجميع الطاقي؛
● تفعيل القانون 82-21 المتعلق بالإنتاج الذاتي للطاقة الكهربائية قبل سنة 2026، من خلال تسريع المراسيم التطبيقية وآليات القياس ثنائي الاتجاه وآليات التعويض المالي؛
● اعتماد معايير بناء جديدة تُدمج التكنولوجيات الخضراء في المباني الحديثة؛
● إحداث صندوق وطني لإدماج الأنظمة الطاقية المتجددة اللامركزية لدعم استثمارات الأسر والمقاولات الصغرى والمتوسطة؛
● تطوير التنقل الكهربائي ومنصة «V2X المغرب» vehicle to everything لتعزيز مرونة المركبات الكهربائية؛
● تقوية الحوكمة والتخطيط عبر تحسين التنسيق المؤسساتي، وتوحيد المعايير التقنية، وتعزيز آليات المناصرة المشتركة للأنظمة اللامركزية.
وختاما، يعتبر التقرير أن بإمكان الإنتاج اللامركزي أن يشكّل ركيزةً أساسيةً للتضامن الطاقي الوطني، من خلال تعبئة الإمكانات الجهوية وتمكين المناطق ذات الفائض من دعم المناطق التي تعرف عجزًا في الإمداد الكهربائي. ولتحقيق الاستفادة القصوى من هذه الأنظمة، يتعيّن تعزيز الشبكات وأنظمة التخزين والتسعير الديناميكي، إلى جانب ترسيخ الإطار التنظيمي وتثمين المنافع الكمية والنوعية لهذه الحلول.
إنّ وضع هذه الأنظمة على قدم المساواة مع الاستثمارات الطاقية التقليدية، واعتمادها كخيارٍ هيكليٍّ في السياسة الطاقية الوطنية، يمهّدان الطريق أمام تجسيد رؤية النموذج التنموي الجديد (2021–2035)، القائمة على طاقةٍ لامركزيةٍ تنافسيةٍ ومنصفةٍ تخدم مختلف جهات المملكة.



![[Rapport] Naviguer dans le cadre Zéro Net de l’OMI : analyse des enjeux pour le Maroc et de sa préparation à devenir un hub des e-carburants](https://static.wixstatic.com/media/11062b_02801667808141c4a24587ddf51c8964~mv2.jpg/v1/fill/w_980,h_653,al_c,q_85,usm_0.66_1.00_0.01,enc_avif,quality_auto/11062b_02801667808141c4a24587ddf51c8964~mv2.jpg)

